Page 64 - web
P. 64

‫مقالات وآراء‬

‫الذي يواجهه‪ .‬فالكمبيوتر يتمكن‪ ،‬من خلال خوارزمياته‪،‬‬       ‫ولكن الروبوتات المستقبلية القاتلة بصورة مستقلة‬
‫من صنع معلومة «أ» ومعلومة «ب»‪ ،‬ثم استنتاج‬                ‫بالكامل‪ ،‬وتسمى في الإنجليزية (‪Fully Autonomous‬‬
‫معلومة «ج»‪ ،‬وهكذا دواليك إلى ما لا نهاية‪ ،‬والذكاء‬        ‫‪ ،)Killer Robots‬هي عبارة عن جيوش روبوتية تستطيع‬
‫الاصطناعي الحديث يقوم بالأمر نفسه‪ ،‬ولكن بطريقة‬           ‫شن هجمات بناًًء على تحليل ساحة المعركة من دون‬
‫أسرع وأكثر احترافية وجدارة‪ ،‬وما هي إلا مسألة وقت‬         ‫انتظار أوامر من البشر‪ .‬منها مثًا ًل الجنود السايبورغ (‪Cyborg‬‬
‫حتى يصبح تطوره كامًا ًل وكابوسيًًا‪ ،‬بحسب المتطرفين في‬    ‫‪ ،)Soldiers‬وقد تكون على شكل حشرات إلكترونية صغيرة‬
                                                         ‫الحجم يمكنها اختراق حدود العدو وإلحاق أقصى الأضرار‬
                                               ‫تشاؤمهم‪.‬‬  ‫به من دون القدرة على مجابهتها‪ .‬وهناك نوع من الجنود‬
‫وهناك أمور أخرى بدأت بالظهور وليست على لائحة‬             ‫الشبيهين بـ«تيرمينايتور»‪ ،‬بطل الفيلم الهوليوودي الشهير‬
                                                         ‫الذي أدى دور بطولته‪ ،‬آرنولد شوارزينيغر‪ ،‬وهو نصف‬
   ‫يحذر بعض العلماء من‬                                   ‫بشري ونصف آلي‪ ،‬معزز بتكنولوجيا أطراف إلكترونية أو‬
     ‫سيناريو يتمكن فيه‬                                   ‫شرائح دماغية أو بعيون إلكترونية تمكنهم من الرؤية‬
                                                         ‫الليلية الفائقة‪ ،‬أو أجهزة عصبية تعزز سرعة رد الفعل‪،‬‬
   ‫الذكاء الاصطناعي من‬                                   ‫تجعلهم أقوى وأسرع وأكثر دقة في المعارك‪ .‬وُُتطور‬
    ‫تجاوز الذكاء البشري‪،‬‬                                 ‫حاليًًا برامج ذكاء اصطناعي قادرة على وضع خطط حربية‬
    ‫فيصبح غير مقيد بأية‬                                  ‫تتوقع تحركات العدو وتخطط لحرب شاملة وتحدد موعد‬
     ‫قوانين‪ ،‬مما يتسبب‬
  ‫بكوارث غير متوقعة‪ ،‬قد‬                                                   ‫الهجوم أو التراجع من دون تدخل بشري‪.‬‬
  ‫تصل إلى حد تهديد وجود‬
                                                                                   ‫البطالة والكفاءة المطلقة والعقبة البشرية‬
        ‫البشرية نفسها‬
                                                         ‫لا تتلخص أخطار الذكاء الاصطناعي في اتخاذ قرار الحرب‬
                                                         ‫أو القتل بناًًء على معلومات ُُزود بها ومن دون تدخل‬
                                                         ‫بشري‪ ،‬بل تتعداها إلى خسارة عشرات الملايين من البشر‬
                                                         ‫وظائفهم‪ ،‬التي بات بإمكانه تأديتها بسهولة وسرعة‬
                                                         ‫وبجدارة أكبر‪ ،‬مما سيؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة‬
                                                         ‫وانهيار اقتصادي محتمل لفئات واسعة من البشر‪ ،‬مما‬
                                                         ‫قد تكون له نتائج واسعة على مستوى العالم لم ُُتحدد‬
                                                         ‫بعد‪ ،‬ولكن بحسب توقعات الذكاء الاصطناعي نفسه‪ ،‬لا‬
                                                         ‫بد من أنها ستؤدي إلى ثورات اجتماعية في أنحاء مختلفة‬
                                                         ‫من العالم‪ ،‬وإلى انهيار نظم سياسية وصعود أخرى‪،‬‬
                                                         ‫وربما إلى فترات طويلة من الإخلال بالأمن والتسلح الذاتي‬
                                                         ‫وسيطرة العصابات‪ ،‬وغيرها من المشاهد التي تشبه ما‬
                                                         ‫تصوره الأفلام السينمائية عن عالم ما بعد التطور التقني‬

                                                                       ‫والاتصالات والبرمجيات والذكاء الاصطناعي‪.‬‬
                                                         ‫هذا التطور الذي لا بد من أنه سيخرج من يد البشر‪،‬‬
                                                         ‫وأصحاب هذه المخاوف يتذكرون الكمبيوتر الأول البدائي‪،‬‬
                                                         ‫الذي خسر مباراة الشطرنج الأولى مع اللاعب العالمي‬
                                                         ‫الشهير كاسباروف‪ ،‬ثم من بعد تلك المباراة لم يتمكن أي‬
                                                         ‫بشري من هزيمته‪ ،‬لأنه تمكن بنفسه من تطوير قدرته‬
                                                         ‫على توقع كل النقلات الممكنة التي قد يقوم بها اللاعب‬

                                                                                                  ‫‪64‬‬
   59   60   61   62   63   64   65   66   67   68   69